الأربعاء، 28 يونيو 2017

إلى فيروز.. "مش كاين هيك تكون"


ناجي سليمان | فيروز هي فيروز في النهاية,اسمها كفيلٌ باختصار الحكاية, ذاكرةٌ حيّةٌ لحياة عشرات الملايين من الأشخاص, صوتها يختزل طفولةً نفتقدها كلّما غافلتنا السنين بالتقدّم, من منّا لم ترتبط قصّة حبٍّ له بأغنيةٍ واحدةٍ للسيّدة على الأقل! من منّا لم يختلط صوت فيروز في ذاكرته برائحة سندويشة الزعتر وكوب الشاي قبل الذهاب إلى المدرسة صباحاً, كيف يمكن أن نبدأ يوماً جديداً في هذا العالم البائس من دون تلك الجرعة الصباحية الكفيلة بدفعنا عنوةً في "طريق النحل".. في طريق الحياة. 

أن تغنّي فيروز مجدّداً, هذا يعطي مؤشّراً إلى أنّ بعض الحياة مازالت تنبض في قلب هذا العالم المجنون المليء بالسواد والموت المجّاني, أن تغنّي السيّدة يعني أن تنتشلنا من سوق الابتذال السمعي والفظائع التي تُرتكب يوميّاً بحقّ آذاننا بحجّة "رِتم" الزمن الحالي اللاهث وراء اللاشيء. 

اعتدنا في شرقنا التعيث, أن نرمي ثوب الملائكية على من نحب, شئنا أم أبينا, هكذا نحن, ولأننا كذلك لا نرضى لحصانٍ أن يأخذ كبوة, ولا لفيروز أن تغنيّ شيئاً سوى المجد, وهذا ما دعى بعضنا إلى الصدمة بكلماتِ الأغنية الجديدة للسيّدة فيروز, وصار السؤال مرتداً منّا إليها.. "لمين"؟ لمن تغنّي يا سيّدة؟ لا نريد أن نقارن كلمات الأغنية الجديدة بكلمات طلال حيدر وبدعوة فيروز "صرّخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعوا" ولا بصوتها يصدح بكلمات سعيد عقل "أنا صوتي منك يا بردى", ولكن يكفي على الأقل أن نقارنها بآخرِ ألبومٍ صدر لها بتوقيع ابنها زياد في معظم الكلمات وكلّ الألحان "إيه في أمل", لنجد فرقاً كبيراً على مستوى الكلمات. 

هنا لا نتحدّث عن فيروز المغنيّة, التي إن أصدرت مجرّد نفسٍ فقط انتشت أرواحنا بسماعه, وهذا ما يحدث حقيقةً في موسيقى "وقمح". أيّ فعلٍ يصدر من حنجرتها كفيلٌ بأخذنا إلى عالمٍ أبيضٍ جميل. ولكن هنا نتحدّث عن الكلمة التي ربّما لم توفّق السيّدة باختيارها هذه المرة, هي التي لم نعتد ذلك منها, فأغنية "كيفك أنت" كما يخبرنا زياد الرحباني, نامت 7 سنواتٍ على مكتبها حتى اقتنعت بأن تغنّيها.

أثر غياب زيّاد عن الألبوم واضحاً جليّاً كشعاع الشمس, على الأقل هذا ما تشي به الأغنية الأولى منه, ويبدو فعلاً أن "زعلي طوّل أنا وإياك". فلنعد ونستمع إلى اسطوانة "إلى عاصي" التي أهدتها فيروز وزياد إلى روح عاصي, المناسبة نفسها التي أُطلقت من أجلها الأغنية الجديدة "لمين".. ولندع لذائقتنا مهمّة المقارنة.

في الذكرى الثانية لولادة الصوت: نصمت.. حتّى إشعارٍ آخر!

وكما بدأنا بثّنا في مثل هذا اليوم قبل عامين مع هذا النشيد الذي به نعتزّ ونفتخر، نغلق به عند منتصف ليل اليوم، حيث سيتوقّف بثّنا الإذاعي وم...