الخميس، 6 ديسمبر 2018

العنف "الجندري".. عنفٌ قائم

كاريكاتير للفنان السوري مرهف يوسف

همام دوبا |
لا بدّ أنك قد سمعت أو قرأت، عزيزي القارئ، جملة "العنف القائم على النوع الاجتماعي"، حتّى وإن لم، سنقوم بالإضاءة عبر هذه التدوينة على هذا المفهوم. فما تعانيه المرأة اليوم من أدوارٍ فرضها المجتمع عليها، فقط، كونها ولدت أنثى تختلف بيولوجياً عن الذكر بشعر طويل وغياب بعض الأعضاء وحضور أُخرى، فهي ملزمة _بفعل العادات في أغلب المجتمعات_ بالطبخ والغسيل والانصياع لوليّها أباً كان أم زوج،  وفي كثيرٍ من الأحيان عليها أن تبقى صامتةً، وأن تتقبّل رغبات سيّدها بكلّ سرورٍ ورحابة صدر، حتى وإن كانت مجحفة في حقّها، لا بل عليها أن تخضع لشبق المجتمع الذكوري في مهاجتمها حتّى فيما يتعلّق بحريتها الشخصية، أبرز مثال ما حدث قبل أيام مع الفنانة المصرية رانيا يوسف الذي استنفرت من أجل فستانها، الذي ارتدته قبل مدة في مهرجان القاهرة السينمائي، مصر بأكلملها، بإعلامها وقضائها ومشايخها، نفس الضجّة تلك لم نكن لنراها في أمر يتعلّق بملايين المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر، في حين يرى القيّمون على المجتمع أن فستان يوسف قضيةٌ عامة تنتهك شرف الأمة، صحيح أننا قد سمعنا عن رانيا يوسف وفستانها، لكن لم نسمع عن نساء يناشدن ذات المسؤولين عمّا يعانين في بيوتهنَّ، ويجردنَّ من شرفهنّ وأخلاقهنَّ كما يشتهي "القوّامون" في هذا المجتمع!، الأمر لدينا ليس بأفضل حال، فحال هذا الشرق من بعضه، نتسابق فيه بالرجوع إلى زمن "السلف"، فكم من فتاةٍ حُرِمت من جامعتها فقط لأنها خرجت قليلاً عن قيود اللباس التي ألبسها إياها المجتمع!، والخروج عن أمر "الجماعة" يمكن أن يعرّضها للقتل تحت غطاء "الشرف" في بعض الأماكن، أو للضرب المبرح في أماكن أخرى، تلك المجتمعات التي تقيس العرض والشرف بجسد إمرأة، فيما لا تنظر إلى المستقبل بوصفه طولاً ممتداً، وأفقاً لايقف عند تفاصيل كاحل فتاة.. أو عُنقها.
  

حتّى اليوم، لم يتحدّث أحد عن (العنف القائم على النوع الاجتماعي) بشكل فعّال، رغم بروز الحديث المتكرر مؤخرّاً عن مناهضة العنف ضد المرأة، إلّا أن كلمة "النوع الاجتماعي"، أو النوع "الجنسي/الجندري" يبيّن وجود عنفٍ يُمارس على كِلا الجنسين، فالرجل منذ الأمس البعيد وإلى اليوم يتحمّل أعباءً فقط لأنه أبصر النور بعضو متدلٍّ، فها هو يُفرض عليه نمط حياة محدد، ونمط مشاعر معلّب مسبقاً، فالدموع ممنوعة، والضعف مرفوض، واذا ما رحنا إلى مجتمعنا المحلي فهو يُجنّد إجبارياً ويدفع حياته كلها.. أو بعضاً منها، ويدفع فاتورة غدائه مع أنثاه، وتُرمى عليه مسؤولية العمل وإيجاد المنزل ودفع ثمنه الفلكيّ في أيامنا هذه وفرشه وتجهيزه ،العرس وتكاليفه إلخ!، الى أن بات أحد أهم مقومات فتى الأحلام لدى أغلب الفتيات وأهاليهنَّ هو جيبه الممتلئ!
  

نهايةً، لا يمكننا إنكار الظلم المُطبق على المرأة بشكلٍ عام، وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية بشكل خاص، لكن أليس الأجدر أن ننظر إلى عبارة (النوع الإجتماعي/الجندري/الجنسي) بدقّة؟ وأن نقرأ معاناة كِلا الجنسين بين سطورها؟
وكيف من الممكن إعادة بناء المفاهيم وإلغاء "العنف القائم على النوع" والعمل على إدراج مفاهيمٍ أخرى يتساوى فيها الجنسين؟
 
 
من زاوية "سكانر" الخاصّة بـ "راديو ماراتوس" والتي تنشر كل خميس عند السابعة مساء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في الذكرى الثانية لولادة الصوت: نصمت.. حتّى إشعارٍ آخر!

وكما بدأنا بثّنا في مثل هذا اليوم قبل عامين مع هذا النشيد الذي به نعتزّ ونفتخر، نغلق به عند منتصف ليل اليوم، حيث سيتوقّف بثّنا الإذاعي وم...