السبت، 1 ديسمبر 2018

الأيوبي تحت مجهر السوريين بعد ثمانية قرون على مماته

ناجي سليمان | ما قاله الفنان عبّاس النوري عبر لقاء معه بُثَّ على الإذاعة الزميلة "المدينة إف إم"، وما قاله قبله الأديب المصري يوسف زيدان، عن صلاح الدين الأيوبي، وعن كونه "كذبة كبيرة لها تمثال كبير أمام قلعة دمشق" كما وصفه النوري، وأنه "سفّاح" كما وصفه زيدان حيث أكدّ بالإسناد إلى المصادر التاريخية أن الأيوبي أباد الدولة الفاطمية في مصر حينها، بأبشع الطرق عبر فصل الذكور عن الإناث تاركاً إياهم كذلك حتى انقرضوا، وأنه دخل القدس صلحاً وليس محرراً. كلّ ذلك يندرج في خانة إلقاء الضوء على التاريخ المليء بالدسائس والأكاذيب، وكذلك سلخ القدسية عن شخصيات وهمية في تاريخ المنطقة.

انقسمت على إثر ذلك الآراء في مواقع التواصل الاجتماعي حول مؤيّد لرأي النوري ومن قبله زيدان وبين مدافعٍ عن الأيوبي، ومنهم من راح إلى نقد موضوع النقاش من أساسه كونه يدور حول شخصٍ عاش ومات قبل نحو ألف عام، ولكن بالتأكيد أن ما من خلاصٍ لنا في هذه المنطقة إلّا بطريقين اثنين:

أولهما هو دفن الحقبة التاريخية التي تبدأ بالأمس والرجوع بها وراءً إلى أن تنتهي قبل آلاف السنين، ورميها وراءنا بكل ما فيها من سيءٍ كثير وجيّدٍ قليل، وهذا بطبيعة الحال شبه مستحيل في ظلّ عقلٍ جمعيٍّ مبنيٍّ على تراثٍ وتقاليدٍ وعاداتٍ وموروثٍ ديني تُمارَس على أساسه حياتنا اليومية وتبنى عليه معتقداتنا وعلاقاتنا مع النفس والآخر والكون والإله.

والطريق الثاني يبداً بتنقية هذا التاريخ عبر العودة إليه ونبش جميع النقاط الجدلية فيه وإخضاعها لمنطق العقل ولمجهر المصدر الموثوق، ودحض جميع الافتراءات والأكاذيب، ونقد جميع المواضع التي تبثّ على الخلاف مجدداً وإسقاط القدسية عن أشخاصِها كائنين من كانوا، وهذا بالطبع يتطلّب بيئة مجتمعية مختلفة تماماً عمّا نعيشه اليوم، تحتاج أولاً إنساناً متحرراً من سلطة المجتمع والدين، وتتطلب نظاماً تعليمياً بعيد عن الأدلجة السياسية والدينية، وإعلاماً حرّاً، وحراكاً ثقافياً يقود رجاله المجتمع إلى مستوٍ إدراكيٍّ جديد.
 
 
راديو ماراتوس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في الذكرى الثانية لولادة الصوت: نصمت.. حتّى إشعارٍ آخر!

وكما بدأنا بثّنا في مثل هذا اليوم قبل عامين مع هذا النشيد الذي به نعتزّ ونفتخر، نغلق به عند منتصف ليل اليوم، حيث سيتوقّف بثّنا الإذاعي وم...