الاثنين، 28 مايو 2018

عن السيادة و"التعفيش" وأشياءٍ أُخرى..

تمّ تداول فيديو وصور تظهر عناصر في الشرطة العسكرية الروسية يقومون بتوقيف عدد من العناصر الذين "يبدون" من اللباس أنهم ينتمون لأحد التشكيلات المقاتلة في صفوف الجيش السوري، وذلك بتهمة السرقة من الأحياء المحررة حديثاً أو ما يسمّى بـ "التعفيش". وبدوا هؤلاء العناصر منبطحين أرضاً تحت فوّهات البندقيات التي يوّجهها نحوهم العناصر الروس. تلك صور مؤذية فعلاً على عدّة مستويات ولذا لن نساهم بنشرها هنا أيضاً، ولكن لا بدّ من التعليق على عدة نقاط..
 
1 _ "التعفيش" كما يسمّى اصطلاحاً، هو سرقة. ولا تصلح تسميته بمسمّى آخر، وكلّ من يشترك في هذا العمل القميء يعمّق الانقسام في المجتمع ويضاعف الفترة اللازمة لترميم الشرخ الذي حدث في المجتمع السوري. هذا من حيث المبدأ.

   
2 _ من يشتري من السارق، يشترك معه في هذه العملية بشكلٍ أو بآخر، لأن السارق حينها يعلم أن بضاعته المسروقة هذه ستجد طريقها إلى البيع.


3 _ الفوضى تلحق بكلّ المجتمعات التي تدخلها الحرب، ونحن لسنا استثناءً، ولكن، من الجيّد أيضاً أن نسأل كم هو راتب هذا العسكري وما الذي يدفع بعضهم إلى السرقة، وهذا الموضوع ينطبق على كل موظّف في البلد. عندما يكون متوسط الدخل 40 ألف وتكاليف الحياة تحتاج 200 ألف، على المسؤولين في الدولة أن يسألوا سؤالاً بديهيّاً.. كيف يغطّي المواطن هذا النقص في الدخل ليتمكّن من البقاء على قيد الحياة؟!

 
4 _ من الخطأ التعميم، نقطة سوداء واحدة في صفحة بيضاء كفيلة بنزع المشهد، هناك عناصر في الجيش السوري (وهم أكثرية) قضوا 8 سنين في الخدمة من دون أن يأخذوا باكيت دخّان واحدة.. وكل من يقرأ هذا المنشور يعرف شخصياً أمثلة كثيرة من هؤلاء.

 
5 _ بالعودة إلى الصور المستفزّة التي تمّ تداولها بالأمس، هذه حلقة جديدة من مسلسل انتقاص السيادة، لا نفهم ماذا يعني أن يقوم عناصر عسكريون أجانب بتوقيف عناصر عسكريين من البلد نفسه.. مهما كان السبب ومهما كانت الجريمة المرتكبة.
دخلكم كيف نميّز بين الحليف والمحتل.. وما هي مظاهر كلّ منهما؟

 
6 _ الصور فيها إهانة شديدة للبدلة العسكرية السورية، البدلة التي قدّمت الكثير من التضحيات كي لا تتحوّل البلاد إلى إمارات داعشية.


7 _ المخوّل الوحيد بمحاسبة هذه الأفعال هو سلطات البلاد نفسها، وليس القوات الأجنبية.


8 _ لو كان هناك محاسبة صارمة لأفعال التعفيش سابقاً.. لما تطوّرت ووصلت إلى هذا المستوى الوقح.


9 _ الحلقة الأضعف في بلادنا دائماً ما تتقاوى عليها جميع الحلقات الأعلى في الهرم.. كأن يتم مثلاً تحويل موظّف إلى القضاء بتهمة اختلاس بضعة آلاف ليرة، في حين يكون مديره متورّط بسرقة عشرات الملايين ويبقى جالساً تحت المكيّف في مكتبه من دون أن يجرأ أحد أن يقول له يا محلى الكحل بعينك.. لماذا.. يجب أن نبحث هنا عن الضهر الذي يسند الرؤوس الفاسدة.


10 _ قياساً على النقطة السابقة، الأمر مشابه في موضوع التعفيش، هناك من بنى امبراطوريات مالية منذ بداية الحرب وحتى الآن اعتماداً على تعفيش مدن بكاملها، ومعروفون بالاسم في كل منطقة، يركبون همرات ويسيرون بمواكب ويفتتحون محطات وقود ومعارض سيارات...إلخ. أين الدولة من هؤلاء..؟ من هناك تبدأ المحاسبة.


11 _ الفساد في هذه البلاد شبكة عنكبوتية مرعبة، والفاسدون تتمّ تغطيتهم من فاسدين أكبر، وتتم حمايتهم من وسائل إعلام، وإن خرج أحدهم عن الصمت وتجرّأ بذكر الأسماء، كما فعل الإعلامي النشيط الزميل رضا الباشا، يُهدَر دمه على العلن، ويتمّ توقيفه عن العمل.


12 _ "هل أراك سالماً منعّماً؟".. نأمل ذلك على جيلنا.. قبل أن نموت ونورّث هذا الدمار لأولادنا.

 
 
راديو ماراتوس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في الذكرى الثانية لولادة الصوت: نصمت.. حتّى إشعارٍ آخر!

وكما بدأنا بثّنا في مثل هذا اليوم قبل عامين مع هذا النشيد الذي به نعتزّ ونفتخر، نغلق به عند منتصف ليل اليوم، حيث سيتوقّف بثّنا الإذاعي وم...