الجمعة، 2 نوفمبر 2018

المجلس البلدي في الدريكيش يستهلّ دورته الجديدة بقرارات القطع!


ناجي سليمان | 
أحد معايير تقدّم المدن وحضارتها هي مساحة الغطاء الأخضر الذي يغطّيها، وبالضبط منه الأشجار القديمة المعمّرة لأنها تعكس عبر سنينها الطويلة ثقافة الشعب المتمدّن في المكان بالحفاظ على الشجرة كقيمة بصرية ومعنوية مهمة في حياة هذا الكوكب. وهذا بالمناسبة أحد الفوارق الأساسية بين عواصم ومدن دول العالم الثالث والعواصم الأوروبية على سبيل المثال، ففي حين تغطي أغلب مساحة دمشق _ابنة العشرة آلاف عام_ مناطق سكنية عشوائية وأبنية متسلّقة على جبل قاسيون، تتمتّع بالمقابل أغلب العواصم الأوروبية بأشجار معمّرة تساير جانبَي شوراعها بالإضافة لمتنزّهات ذات مساحات كبيرة. لن نحلم كثيراً ونعطي مقارنات عبثية الآن، ولكن أن تكون دمشق مدينة بلون اسمنتي رمادي نتيجة الاكتظاظ السكاني من الممكن أن نتفهّم ذلك، في حين من الصعب أن نتقبّله في مدينة ريفية صغيرة شكّلت في وقتٍ من الأوقات أحد أهم المصايف في سوريا.

يدفعنا إلى هذا الحديث ما نُقِل عن نيّة المجلس البلدي في منطقة دريكيش بإزالة مجموعة من الأشجار المعمّرة الظاهرة في عمق الصورة المرفقة لبناء مركز النافذة الواحدة مكانها.
الأشجار تلك طبعت شكل السوق القديم في منطقة دريكيش في ذاكرة أبنائها وزائريها، وأصبحت جزءاً أساسياً من شكل وهوية المدينة.

المستغرب في الأمر، أن مجلس البلدية الجديد "المنتخب" مؤخّراً، سارع في أول خطوة يستهل بها دورته، بتطبيق قرارٍ بلدي سابق بإزالة هذه الأشجار! وكأن المساحات الواسعة الأخرى في المدينة قد انتفت تماماً أمام المجلس البلدي لإيجاد مكانٍ بديل لكتلة إسمنتية.

ما زلنا نراهن على أن ثقافة القطع.. قطع الرؤوس ونشر الأجساد والأشجار وكل ما يمت للحياة بصلة.. هي ثقافة صحراوية لم تتبنّها سوريا عبر تاريخها الطويل، والمجلس البلدي في الدريكيش مطالب أمام الشعب الذي "انتخبه" أن يثبت ذلك فعلاً.
 

راديو ماراتوس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في الذكرى الثانية لولادة الصوت: نصمت.. حتّى إشعارٍ آخر!

وكما بدأنا بثّنا في مثل هذا اليوم قبل عامين مع هذا النشيد الذي به نعتزّ ونفتخر، نغلق به عند منتصف ليل اليوم، حيث سيتوقّف بثّنا الإذاعي وم...