السبت، 3 نوفمبر 2018

جبال الساحل تحترق .. جريمة الطبيعة أم بعض الموتورين؟

عمال إطفاء اللاذقية يعملون على إخماد الحريق _ مصدر الصورة "المكتب الصحفي لمحافظة اللاذقية"
حيدر مصطفى | الحرائق تلتهم جبالاً بأكملها في الساحل السوري، حدث مأساوي يتكرر بين الفينة والأخرى ودون التوصل إلى نتائج واضحة عن أسبابه، فالغابات التي سلمت من الحرائق الناجمة عن أثر المعارك في ريف اللاذقية، أو تلك المساحات الحراجية القليلة التي بقيت من بعد القطع الممنهج الذي طال أغلب مناطق جبال الساحل، تنازع اليوم بفعل حرائق يعتقد كثيرون من أبناء المناطق المتضررة أنها تحصل بفعلٍ بشريٍّ وليس بفعل عوامل الطبيعة فقط.

ليل السبت، اندلع حريقٌ ضخم في منطقة جبل الأربعين التابع إدارياً لمنطقة القرادحة وبقيت أفواج الإطفاء تحاول السيطرة على الحريق لمدة أكثر من عشرة ساعات بحسب ما صرّحت مصادر محليّة لـ"راديو ماراتوس"، مؤكّدة أن الحريق بدأ من منطقة مظلمة وغير مأهولة تقع بين قرية الخريبات وقلعة المهالبة ما صعب من إمكانية الكشف عن المسببات الرئيسية للحريق فيما إذا كان مفتعلاً أم نتيجة عامل طبيعي.
   
"دريد زيتي" أحد شهود العيان من منطقة قعلة المهالبة رجح في إفادة لـ "راديو ماراتوس" احتمالية أن يكون الحريق مفتعلاً، ويعتقد أنه السبب الأكثر منطقية ويقول <<دائما في فصل الخريف يتمّ استغلال عنصر جفاف الأرض وسرعة الرياح، قد تكون الحرائق مفتعلة و قد تكون بسبب الإهمال، لكن عامل الإفتعال أقرب إلى المنطق والدليل إختيار أمكنة خاصة لإشعالها واستغلال اتجاه الريح وسرعتها لمضاعفة الخسائر>>.
  
المستغرب في الأمر أن الحريق وقع في وقتٍ متأخر من الخريف وبعد هطولات غزيرة قبل أيام، مما يستعبد فرضية الحريق الطبيعي بسبب الرطوبة الكبيرة المختزنة في الأشجار وتربة الغابات.
  
ولاستيضاح حقيقة الأمر تواصلنا مع عدد من المعنيين والمطلعين في اللاذقية، المكتب الصحفي في محافظة اللاذقية أكّد لـ" راديو ماراتوس" أن الأجهزة المعنية تعمل على إحصاء الأضرار وتحديد المساحات المتضررة، مشيراً إلى الحرائق "ربما" تكون طبيعية مع التحرّي عن أسباب أخرى في حال وجودها.

وأضاف المصدر الرسمي، إلى توفّر أسباب موضوعية تؤكد أن أي احتكاك لمصادر الطاقة في مثل هذه الظروف الجوية، قد يشكّل سبباً حتمياً لحدوث حريق مماثل تسهم معه سرعة الرياح وجفاف الأشجار في سرعة انتشاره.
  
وأكدت محافظة اللاذقية في تصريحات لـ ماراتوس أن قوات الأمن الداخلي والشرطة انتشرت على الفور في مناطق اندلاع الحرائق، للتحقيق بأسبابه وحفظ الأمن في المنطقة لاسيما مع خطر اقتراب الحرائق من منازل المواطنين، مشدداً على أن الجهات المعنية تعمل على كشف ملابسات الحادث والتحقق من احتمالية وجود متورطين في افتعالة.

وأشار إلى أن سرعة الرياح الشرقية وانخفاض نسبة الرطوبة في الجو التي سجلت أقل من 24 بالمئة أسهمت في زيادة انتشار الحرائق وصعوبة التعامل معها فضلاً عن شدّة انحدار المرتفعات الجبلية التي شبّت فيها الحرائق مبيناً أنه خلال هذه الظروف الجوية أي مصدر احتكاك أو طاقة يمكن أن يتسبب بمثل هذه الحرائق .

من جهته صرح باسل شعبان أحد رجال الإطفاء في فوج إطفاء اللاذقية، معتبراً أن <<الحرائق الطبيعية تحصل عندما تتسبب الرياح الشديد في مناطق الغابات بتحرك كابلات التوتر ما قد يؤدي إلى حصول ماس كهربائي، يتحول إلى لهيب ناري يساعد في انتشاره أغصان الأشجار العالية، وهو ما حصل سابقاً في منطقة البسيط>>.

وفنّد شعبان حسب رأيه الشخصي الأسباب التي قد تشكل العوامل الأبرز لاندلاع الحرائق كـ:
- تنظيف الأراضي الزراعية من الأعشاب عن طريق الحرق لتمتد النيران دون القدرة على السيطرة عليها .
- حرق القمامة المجمعة بالقرب من الأراضي بدلاً من ترحيلها. 
- توسيع الأراضي الزراعية وذلك بالتعدي على أراضي الدولة عن طريق الحرق.
- التنقيب عن الآثار وذلك لكشف المنطقة من الغطاء النباتي الكثيف. 
- المفاحم غير المرخّصة والتي يتمّ عملها بمناطق حراجية بعيدة حتى لا يراها أحد من المراقبين، والتي عند اشتداد الرياح تقوم بتقليبها وحمل الجمرات لمناطق قريبة وتشعل معها النيران.
- الحرائق التي تحصل بقصد التخريب أو أذية شخصية أو لهدف إرهابي.
- الحرائق بسبب سقوط القذائف والصواريخ الارهابية أو بحال وجود ألغام مزروعة وهو ما حصل في منطقة "ربيعة" و"كسب" قبل سنوات.

الإطفائي الذي كان له ولفريقه دوراً بارزاً في إخماد العديد من الحرائق والمساعدة في العديد من الحوادث الإنسانية، استبعد أن تكون للمفاحم أو عمليات "التحطيب" السبب الرئيسي قائلاً "في حالة حرائق الغابات والمساحات الحراجية، يتحوّل الخشب إلى مادة لا تصلح لصناعة الفحم، وحتى من ناحية الاستفادة من الخشب للتدفئة فنسبة الخشب المحترق الصالح للتدفئة ضئيلة جداً.
  


بدوره مدير مكتب موقع سيريانديز في اللاذقية تمام ضاهر، لم يستبعد في تصريح لـ "راديو ماراتوس" احتمالية أن تكون الحرائق مفتعلة، مشيراً إلى أن من أسباب الحرائق، أخطاء يرتكبها بعض المزارعن المحليون، خلال استثمارهم للأراضي الزراعية المتاخمة للأحراج، وإشعالهم لبعض النيران في أماكن غير مدروسة التي قد تمتد نحو المناطق الحراجية.

  
وأضاف ضاهر أن الحرائق تتكرر الحوادث المماثلة، وتجاوزت 25 حريقاً تركزت في منطقة جبلة بأحراج قرية بشيلي ومحميتها الطبيعية، وأتت النيرات على مساحات واسعة من أشجار الأرز والصنوبر والسنديان البالغ عمرها عشرات السنين.
   
مؤكداً أيضاً أن الجهات المعنية ورغم الإمكانات المتواضعة إلا أنها تؤدي عملاً جباراً لإخماد الحرائق، وشدد الصحفي الذي يعمل في صحيفة الوحدة المحلية، على ضرورة وجود آليات متطورة للمساعدة في إخماد الحرائق الضخمة كتخصيص طائرة للوصول إلى المناطق المرتفعة والتي لا يمكن الوصول إليها براً، واتخاذ إجراءات صارمة من قبل الأجهزة الحكومية.

من جهتها اعتبرت الناشطة والعاملة في مجال الصحافة والإعلام أفرورا عيسى، أن مساحات الغابات الواسعة في ريف اللاذقية وخصوصا جبال القرداحة تفتقد لعناصر حماية كافية مقارنة بمساحتها وهذا يعد عامل أساسي لعدم وجود رادع لمن يريد العبث بالثروة النباتية في سورية وقد تكون عوامل الطقس هي المسبب الرئيسي لهذه الحرائق كما قالت الجهات المختصة لكن دون إنكاروجود أشخاص غير أخلاقيين يستفيدون من الحرائق، حسب تعبيرها.
   
الجدير بالذكر أن الجبل الذي أتت عليه النيران في منطقة قلعة المهالبة، كان قد احترق بشكل كبير عام 2007، وأعيد تشجيره بجهود من مديرية الزراعة وأحراج المنطقة، بأنواع جديدة من الأشجار حولتها إلى غابة من أجمال غابات المنطقة، لتأتي النيران الأخيرة عليها وتحليها رماداً من جديد.

وأمام ضبابية المشهد، ورغم خمود النيران إلا أن دخان رمادها الأبيض لم يدلل بعد على أسباب اندلاعها الرئيسية، لتبقى التساؤلات دون أجوبةٍ شافية، رغم اعتقاد الكثيرين أن الحرائق تفتعل من قبل عصابات وموتورين لا ينساقون إلى القانون، ولم يتم تقديم أحدهم إلى العدالة حتى الآن، ما يضاعف من حجم المسؤولية على الجهات المعنية لتقديم الجناة حال وجودهم إلى القضاء والأجهزة المختصة دون الإذعان لأي جهات أو عوائل متنقذة أو أي ضغوط.
 
 
خاص راديو ماراتوس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في الذكرى الثانية لولادة الصوت: نصمت.. حتّى إشعارٍ آخر!

وكما بدأنا بثّنا في مثل هذا اليوم قبل عامين مع هذا النشيد الذي به نعتزّ ونفتخر، نغلق به عند منتصف ليل اليوم، حيث سيتوقّف بثّنا الإذاعي وم...