الأربعاء، 7 نوفمبر 2018

ماكينة محاربة الفساد بدها "عيار" !

كاريكاتير عبد الهادي الشمّاع _ مصدر الصورة: صحيفة "الوطن" السورية.
حيدر مصطفى | شدّت ”الماكينة" على نفسها كثيراً وقررت أن تحارب الفساد، ونزلت إلى الشارع تبحث عن الفاسدين الحقراء، فلم تجدهم، رغم انتشارهم الكثيف في المقاهي الفارهة والمطاعم الفخمة وفنادق الطبقة المخملية والمنتجعات الراقية وفي القصور والفلل. فقررت أن تتوجه إلى مؤسساتها المتهمة بالبيروقراطية، لتقبض على المتّهمين بالجرم المشهود، في خطوةٍ جبّارة ومكرمة تشكرُ عليها، ونطالبها بتكرارها لكن بشرط، أن تتجاوز ماكينتها الحيوية المخصصة لمكافحة الفساد، أبواب المديريات ومكاتب الموظفين محدودي الدخل وأن تتجه إلى الطوابق العليا أو المناصب العليا أو حتى الكراسي العليا، وأن تبحث عن الملايين المهدورة من خلف الطاولات الفخمة والمكاتب الفارهة، أو أن تسير في المسارين بشكلٍ متوازٍ، وبذلك يتمّ كنس الفساد من خلف كل المكاتب، لكن وفق شروط أيضاً:
أولاً: أن لا يتمّ التشهير بالفاسدين الحقراء قبل البتّ بفسادهم من القضاء.
ثانياً: أن لا تتجاوز السلطات على صلاحيات بعضها. 
ثالثاً: أن تحرص السلطات كافة على منع أصحاب النفوذ من حماية بعض رجالاتهم في مفاصل المؤسسات.
رابعاً: أن تتبع السلطات مبدأ الشفافية في التعاطي مع الرأي العام وأن تكلّف مسؤولين. منها للتواصل مع وسائل الإعلام والمواطنين كافة، بهدف تفنيد أي لبس قد يضر بسمعة المؤسسات والسلطات وماكينتها المفترضة لمحاربة الفساد.
خامساً: أن تطال عملية "الكنس" جميع الفاسدين ودون استثناء "العاديين منهم" و "غير العاديين".
سادساً: أن تضع "الماكينة" برنامجاً جدياً لإعادة بناء الثقة بينها وبين الكثير من مواطنيها.
  
لا نقول في هذا الكلام، إن حبل الثقة قد قُطع نهائياً، لكنه قاب خيطين أو أدنى من الانقطاع، فلا يتقبل الشارع بوضوح وصراحة أن تبدأ مكافحة الفساد من صغار المرتشين، في وقت تكثر فيه المطالبات الشعبية لشنّ حملة واسعة النطاق على رؤوس الفساد ورموزه ومافياتهم وحواشيهم وعملائهم في كل أصقاع البلاد.
ولا نعلم أيضاً إن كانت الماكينة جاهزة في هذه المرحلة لشنّ عملية من ذلك المستوى، نظراً للعديد من الاعتبارات وكثرة أصحاب النفوذ ورؤوس الأموال ومحتكريها، لكنها بالتأكيد لا تنجح في ما يسمّيه الشارع "استعراضات" مكافحة الفساد التي يحاول فيها بعض المعنيين تصوير الماكينة على أنها تعمل بشكل فاعل لمحاربة الفساد من جذوره .. إلا أنها في الحقيقة لا تنجح في التأثير أو الترويج الإيجابي بل على العكس تماماً.

وعلى ما يبدو فإن الماكينة لم تزوّد نفسها بتقنيات التمييز بين الأغصان الصغيرة والجذوع والجذور الضخمة، فراحت تجز بعض براعم الفساد.

وكي لا يُخرج أحدهم كلام العامة هذا عن سياقه، يجدر التأكيد على أنه نابع من منطق الحرص على صورة المؤسسات والتزاماً بممارسة دور المواطنة المفترض، كمواطنين لنا حق الرقابة بالدرجة الأولى.
 
 
خاص راديو ماراتوس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في الذكرى الثانية لولادة الصوت: نصمت.. حتّى إشعارٍ آخر!

وكما بدأنا بثّنا في مثل هذا اليوم قبل عامين مع هذا النشيد الذي به نعتزّ ونفتخر، نغلق به عند منتصف ليل اليوم، حيث سيتوقّف بثّنا الإذاعي وم...